بوجهه الملثم الذي لا يُرى منه سوى عينين بنيتين، ووشاحه الفلسطيني أحمر اللون، وشارته السوداء التي تعلو جبهته مدون عليها “كتائب القسام”، وزيّه المموه الذي يعلن عن هويته، وصوته الذي بات مألوفًا لدى كثيرين، وكلماته الموجهة والحاسمة حول بعض العمليات التي تنفذها الفصائل الفلسطينية، استطاع أبو عبيدة، أن يرهب الاحتلال، وأن يحيي الأمل في نفوس المدافعين عن القضية، ويحتل مكانة كبيرة بين العامة وعلى منصات التواصل الاجتماعي.
السابع من أكتوبر الجاري، ظهر “أبو عبيدة” في رسالة مُسجلة، بعد هجوم حركة حماس على إسرائيل الذي عُرف بـ “طوفان الأقصى”، يعلن ما قامت به الفصائل الفلسطينية ضد المستوطين الإسرائيلين، موجهًا عددًا من الرسائل التي استفزت قادة الاحتلال، لاسيما بعد وصفهم بالقوات الكرتونية البالية، مؤكدًا على أنهم اعتقلوا عشرات الظباط والجنود، وأن هذا الهجوم ردًا على إجرام الحكومة الإسرائيلية والذي وصفها بـ الفاشية، الخطاب الذي رآه البعض نصرًا يضاف إلى النصر الذي حققوه، لتتصاعد جماهيرية الناطق باسم كتائب القسام على الأقل في الأوساط العربية.
ومنذ ذلك الحين، و”أبو عبيدة” يخرج بين حينٍ والآخر، معلنًا عن مستجدات الأوضاع، تتزايد شعبيته مع كل بيان ينطقه، وفي الوقت نفسه تتزايد حالة الاحتقان لدى قوات الاحتلال، الذين “أصيبوا بالذهول، بعدما استفاقوا من صدمتهم وأدركوا حجم خيبتهم وخسارتهم”، كما قال الناطق باسم كتائب القسام، وبعدها يخرجون في المؤتمرات ويصدرون البيانات التي ترد على تصريحاته، فيما يخرج هو يكذبهم ويقول روايات مغايرة لرواياتهم.
حقيقة اغتيال أسرة أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام
بعد ثمانية أيام من عمليات طوفان الأقصى، وتحديدًا 15 أكتوبر، وبعد اتساع قاعدته الشعبية، أشيع استهداف كافة أفراد أسرة أبو عبيدة، وهو ما نفاه قادة حماس، مؤكدين على أن كل تلك الشائعات تحاول أن تنال من الناطق باسم كتائب القسام وقهره، إلا أنه صامد والقوات مستمرة في عملياتها حتى النصر أو الشهادة، وهو ما يؤكد عليه “أبو عبيدة” في نهاية كل خطاب، بقوله: وإنه لجهاد نصرٌ أو استشهاد.
وعلى مدار 23 يومًا من الحرب، استطاع “أبو عبيدة” من خلال مواجهته الإعلامية وبياناته، أن يتصدر المشهد في العالم العربي، ويحظى بحب الملايين، بعدما كان غامضًا لا يعرفه كثيرون على مدار 17 عامًا، فعلى الرغم من أن ظهوره الأول كان في 2006، إلا أنه لم يعرف للعامة ولم يحظَ بهذه الأهمية البالغة سوى خلال الـ عشرين يومًا الماضية، فأصبحنا نرى الأطفال ينطقون باسمه، والشباب ينتظرون طلته كما هو الأمر في صورة الجيم الشهيرة، ويتغزل فيه البنات على السوشيال ميديا، وبات بعض المشاهير يرددون اسمه، بل تخطى الأمر ذلك، بعد إعلان محمد رمضان والذي ربما كان كيديًا لـ إسرائيل بعد حظر مسلسلاته في تل أبيب أن شخصية المسلسل المقبل ستكون باسم أبو عبيدة.
الـ 48 ساعة الماضيين، احتدم الأمر في قطاع غزة، زاد الحصار، وازدادت الضربات والاستهدافات، وكان هناك محاولات للهجوم البري، وانقطعت الاتصالات عن القطاع، وظل العالم العربي يترقب اللحظة التي يطمئن فيها على أهالي غزة، حتى خرج أبو عبيدة، في خطابٍ استطاع أن يتصدر به جميع محركات البحث، وانتشر على نطاق واسع، يعلن أنهم مستمرون في العمليات وأنهم كبدوا الجيش الإسرائيلي العديد من الخسائر، وأن محاولاتهم للاجتياح البري باءت بالفشل، وأنهم انكسروا بعد مواجهة عدد بسيط من مقاتلي القسام لهم، بل وتابع: سنذيقهم هزيمة كبيرة، وأسرانا مقابل أسراهم.
من هو أبو عبيدة؟
قبل ساعات من الآن، نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، وردًا على هذا البيان والجماهيرية الواسعة له، اسم وصورة لـ أبو عبيدة، معلقًا عليها بقوله: هذا هو المدعو حذيفة كحلوت الذي يتستر وراء كنية أبو عبيدة وهو يتستر كذلك وراء كوفيته الحمراء، تمامًا مثلما تتستر حماس وراء المنشآت المدنية لإطلاق القذائف الصاروخية باتجاه إسرائيل، هو وغيره من قادة دواعش حماس، يحبون التستر داخل الأنفاق ووراء النساء والأطفال، وكذلك وراء الأقنعة والظلال، حذيفة كحلوت، لقد أصبحت مكشوفًا، وقد حان الوقت للكف عن التستر، فلن يسعفك ومنظمتك القناع والكوفية في إخفاء الضربات التي تتكبدونها وفي مصير من تبقى منكم.
لم تكن تلك هي المرة الأولى الذي يتحدث فيها الجيش الإسرائيلي عن كشف هوية أبو عبيدة، ففي 2014 نشر الإعلام العبري بإيعاز من الشاباك صورة زعمت أنها لأبو عبيدة، وأن اسمه حذيفة سمير عبد الله الكحلوت، وحينها نفت حماس هذه المزاعم الإسرائيليّة مؤكدة أن الصورة مركّبة، ومشيرةً إلى أن الهدف منها هو محاولة الوصول لأي معلومات حقيقية عن هوية الناطق باسم الكتائب، إلا أنه حتى الآن لم يصدر أي بيان حول الصورة الأخيرة المنشورة.
Discussion about this post